كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{اتخذت بَيْتًا} [العنكبوت: 41] أي: من هذه الخيوط الواهية {وَإن أَوْهَنَ البيوت لَبَيْت العنكبوت} [العنكبوت: 41] فخطأ العنكبوت ليس في اتخاذ البيت، إنما في اتخاذ هذه الخيوط الواهية بيتًا له وهبة ريح كافية للإطاحة بها، ويشترط في البيت أن يكون حصينًا يحمي صاحبه، وأن تكون له أبواب ونوافذ وحوائط. إلخ. أما لو اتخذها شبكة لصيد فرائسه لكان أنسب، وكذلك الكفار اتخذوا من الأصنام آلهة، ولو اتخذوها دلالة على قدرة الحق في الخَلْق لكان أنسب وأَجدْى.
وكما أن بيت العنكبوت تهدمه هَبة ريح وتقطعه وأنت مثلًا تنظف بيتك، وربما تقتل العنكبوت نفسه، فكذلك طبْق الأصل يفعل الله بأعمال الكافرين: {وَقَدمْنَآ إلى مَا عَملوا منْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاه هَبَاءً منثورًا} [الفرقان: 23].
وكذلك يضرب لهم مثلًا آخر: {مثَل الذين كَفَروا برَبهمْ أَعْمَالهمْ كَرَمَادٍ اشتدت به الريح في يَوْمٍ عَاصفٍ} [إبراهيم: 18].
ومعنى: {لَوْ كَانوا يَعْلَمونَ} [العنكبوت: 41] أي: حقيقة الأشياء، فشبكة العنكبوت لا تصلح بيتًا، ولكن تصلح مصيدةً للحشرات، وكذلك الأصنام والأحجار لا تنفع لأنْ تكون آلهة تعبد، إنما لأنْ تكون دلالة على قدرة الخالق عز وجل فلو فكروا فيها وفي أسرار خَلْقها لاهتدوا من خلالها للإيمان.
فهي- إذن- دليل قدرة لو كانوا يعلمون، فالجبل هذا الصخر الذي تنحتون منه أصنامكم هو أول خادم لكم، ولمن هو أَدْنى منكم من الحيوان والنبات، وسبق أن قلنا: إن الجماد يخدم النبات، ويخدم الحيوان، وهم جميعًا في خدمة الإنسان.
إذن: فالجماد خادم الخدامين، ومع ذلك جعلتموه إلهًا، فانظروا إذن إلى هذه النقلة، وإلى خسة فكركم، وسوء طباعكم حيث جعلتم أدنى الأشياء وأحقرها أعلى الأشياء وأشرفها- أي: في زعمكم.
فكيف وقد ميزك الله على كل الأجناس؟ لقد كان ينبغي منك أن تبحث عن شيء أعلى منك يناسب عبادتك له، وساعتها لن تجد إلا الله تتخذه إلهًا.
بل واقرأ إنْ شئْتَ عن الجماد قوله تعالى: {قلْ أَإنكمْ لَتَكْفرونَ بالذي خَلَقَ الأرض في يَوْمَيْن وَتَجْعَلونَ لَه أَندَادًا ذَلكَ رَب العالمين وَجَعَلَ فيهَا} [فصلت: 9-10] أي: في الأرض {رَوَاسيَ من فَوْقهَا وَبَارَكَ فيهَا وَقَدرَ فيهَآ أَقْوَاتَهَا في أَرْبَعَة أَيامٍ سَوَاءً للسآئلينَ} [فصلت: 10].
فكأن الجبال الصماء الراسية هي مخازن القوت للناس على مَر الزمان، فمنها تتفتت الصخور، ويتكون الطمي الذي يحمله إلينا الماء في أيام الفيضانات، ومنها تتكون الطبقة المخصبة في السهول والوديان، فتكون مصدر خصْب ونماء دائم ومتجدد لا ينقطع. وتذكرون أيام الفيضان وما كَان يحمله نيل مصر إلينا من خير متجدد كل عام، وكيف أن الماء كان يأتينا أشبه ما يكون بالطحينة من كثرة ما به من الطمي.
فياليت عباد الأصنام الذين نحتوا الصخور أصنامًا تأملوا هذه الآيات الدالة على قدرة الخالق سبحانه بدل أن يعبدوها من دون الله.
وفي موضع آخر يضرب لنا الحق سبحانه مثلًا في قمة العقيدة أيضًا فيقول سبحانه: {ضَرَبَ الله مَثَلًا رجلًا فيه شرَكَاء متَشَاكسونَ وَرَجلًا سَلَمًا لرَجلٍ هَلْ يَسْتَويَان مَثَلًا الحمد لله بَلْ أَكْثَرهمْ لاَ يَعْلَمونَ} [الزمر: 29].
ففَرْق بين عبد مملوك لسيد واحد يتلقى منه وحده الأمر والنهي، وبين عبد مملوك لعدة شركاء، وليتهم متفقون، لكن {شرَكَاء متَشَاكسونَ} [الزمر: 29] مختلفون لكل أوامر، ولكل منهم مطالب، فكيف إذن يرضيهم؟ وكيف يقوم بحقوقهم وهم يتجاذبونه؟
فالذي يعبد الله وحده لا شريك له كالعبد لسيد واحد، والذين يعبدون الأصنام كالعبد فيه شركاء متشاكسون. إذن: فالحق سبحانه يضرب الأمثال للناس في الحقائق ليبينها لهم بيانًا واضحًا.
ثم يقول الحق سبحانه: {إن الله يَعْلَم مَا}.
يقول سبحانه: {إن الله يَعْلَم مَا يَدْعونَ من دونه من شَيْءٍ} [العنكبوت: 42] لأنهم حين ضيق عليهم الخناق قالوا: نحن لا نعبد الأصنام، إنما نعبد الكواكب التي تسير هذه الأصنام أو الملائكة، فرد الله عليهم: {من شَيْءٍ} [العنكبوت: 42] للتقليل، كأن ما يدعونه من دونه لا يعَد شيئًا، أو هو أتفه من أن يكون شيئًا، أو يعلم سبحانه ما يدعون من دونه من أي شيء.
أو أن يعلم سبحانه ما يدعون من دونه من أي شيء.
أو أن شيء من قولنا: شاء يشاء شيئًا، فالشيء ما يراد من الغير أنْ يفعله، والذي شاء هو الله تعالى، وكأنهم يعبدون الشيء ويتركون خالقه، وهو الأحق بالعبادة سبحانه، فماذا جرى لكم؟! تعبدون المخلوق وتتركون الخالق، وبعد أن كرمكم الله تهينون أنفسكم، وترضون لها الدون، حيث تعبدون ما هو أقل منكم مرتبةَ في الخَلْق، والأصنام جمادات، وهي أدنى أجناس الوجود.
ثم يقول سبحانه: {وَهوَ العزيز الحكيم} [العنكبوت: 42] العزيز الذي يَغْلب، ولا يغلب، وهو الحكيم في كل ما قضى وأمر.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَتلْكَ الأمثال نَضْربهَا}.
فمَنْ يسمع المثل من الله تعالى ثم لا يعقله فليس بعالم؛ لذلك ليسوا علماء الذين اعترضوا على قوله تعالى: {إن الله لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْربَ مَثَلًا ما بَعوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] حيث استقلوا البعوضة، ورأوها لا تستحق أنْ تضرب مثلًا.
ونقول لهم: أنتم لستم عاقلين ولا عالمين بدقة المثل، واقرأوا: {إن الذين تَدْعونَ من دون الله لَن يَخْلقوا ذبَابًا وَلَو اجتمعوا لَه} [الحج: 73] بل وأكثر من ذلك: {وَإن يَسْلبْهم الذباب شَيْئًا لا يَسْتَنقذوه منْه} [الحج: 73].
دَعْك من مسألة الخَلْق، وتعالَ إلى أبسط شيء في حركة حياتنا إذا وقع الذباب على طعامك، فأخذ منه شيئًا أتستطيع أن تسترده منه مهما أوتيتَ من القوة والجبروت؟
إذن: فالذبابة ليست شيئًا تافهًا كما تظنون، بل واقل منها الناموس والميكروب وغيره مما لا يرَى بالعين المجردة مخلوقات لله، فيها أسرار تدل على قدرته تعالى.
كما قال سبحانه: {إن الله لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْربَ مَثَلًا ما بَعوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] أي: ما فوقها في الصغَر، ولك أن تتأمل البعوضة، وهي أقل حجمًا من الذباب، وكيف أن لها خرطومًا دقيقًا ينفذ من الجلد، ويمتص الدم الذي لا تستطيع أنت إخراجه إلا بصعوبة، والميكروب الذي لا تراه بعينك المجردة ومع ذلك يتسلل إلى الجسم فيمرضه، ويهد كيانه، وربما انتهى به إلى الموت.
إذن: ففي هذه المخلوقات الحقيرة في نظرك عبر وآيات، لكن لا يعقلها إلا العالمون، ومعظم هذه الآيات والأسرار اكتشفها غير مؤمنين بالله، فكان منهم مَنْ عقلها فآمن، ومَنْ لم يعقلها فظل على كفره على أنه أَوْلَى الناس بالإيمان بالله؛ لأن لديه من العلم ما يكتشف به أسرار الخالق في الخَلْق. لذلك جاء في الأثر: العالم الحق هو الذي يعلم مَنْ خلقه، ولمَ خلقه.
ثم يقول الحق سبحانه: {خَلَقَ الله السماوات}.
أراد الحق سبحانه أن يبرهن لنا على طلاقة قدرته تعالى، فقال: {خَلَقَ الله السماوات والأرض بالحق} [العنكبوت: 44] والخَلْق: إيجاد المعدوم، لكن الغرض مخصوص، ولمهمة يؤديها، فإنْ خلقت شيئًا هكذا كما اتفق دون هدف منه فلا يعَد خلقًا.
ومسألة الخَلْق هذه هي الوحيدة أقر الكفار بها لله تعالى، فلما سألهم: {وَلَئن سَأَلْتَهمْ منْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقولن الله} [لقمان: 25] فلماذا أقروا بهذه بالذات؟ ولماذا ألجمتهم؟
هذا ليس عجيبًا منهم؛ لأننا نشاهد كل مَنْ يأتي بجديد في الكون حريصًا على أنْ ينسبه لنفسه، وعلى أنْ يبين للناس مجهوداته وخبراته، وأنه اخترع كذا أو اكتشف كذا، كالذي اكتشف الكهرباء أو اخترع التليفون أو التليفزيون.
ما زلْنا حتى الآن نذكر أن قانون الطفو لأرشميدس، وقانون الجاذبية لنيوتن، والناس تسجل الآن براءات الاختراع حتى لا يسرق أحد مجهودات أحد، ولتحفظ لأصحاب التفوق العقلي والعبقري ثمرة عبقريتهم.
وكذلك كان العرب قديمًا يذكرون لصاحب الفضل فَضلْه، حتى إنهم يقولون: فلان أول مَنْ قال مثلًا: أما بعد. وفلان أول من فعل كذا.
إذن: فنحن نعرف الأوائل في كل المجالات، وننسب كل صنعة وكل اختراع واكتشاف إلى صاحبه، بل ونخلد ذكراه، ونقيم له تمثالًا. إلخ.
إذن: فما بالك بالخالق الأعظم سبحانه الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما ومَنْ فيهما، أليس من حقه أن يعلن عن نفسه؟ أليس من حقه على عباده أن يعترفوا له بالخَلْق؟ خاصة وأن خَلْق السماوات والأرض لم يدعه أحد لنفسه، ولم ينازع الحق فيه منازع، ثم جاءنا رسول من عند الله تعالى يخبرنا بهذه الحقيقة، فلم يوجد معارض لها، والقضية تثبت لصاحبها إلى أنْ يوجد معارض.
وقد مثلنا لهذه المسألة- ولله المثل الأعلى- بجماعة جلسوا في مجلس، فلما انفض جمعهم وجد صاحب البيت محفظة نقود لواحد منهم، فسألهم: لمن هذه المحفظة؟ فقالوا جميعًا: ليست لي إلا واحد منهم قال: هي محفظتي، فهل يشك صاحب البيت أنها لمن ادعاها؟
ولك أنْ تسأل: ما دام الحق سألهم {منْ خَلَقَ السماوات والأرض} [لقمان: 25] فقالوا {الله} فلماذا يذكر الله هذه القضية؟ قالوا: الحق تبارك وتعالى لا يريد بهذه الآية أن يخبرنا أنه خالق السماوات والأرض، إنما يريد أن يخبرنا أن خَلْق السماوات والأرض بالحق، والحق: الشيء الثابت الذي لا يتغير مع الحكمة المترتبة على كل شيء في الوجود، فإذا نظرنا إلى خَلْق السماوات والأرض لوجدناه ثابتًا لم يتغير شيء فيه.
لذلك يقول سبحانه: {لَخَلْق السماوات والأرض أَكْبَر منْ خَلْق الناس} [غافر: 57].
فالسماوات والأرض خَلْق هائل عظيم، بحيث لو قارنته بخَلْق الإنسان لكان خَلْق الإنسان أهون. وانظر مثلًا في عمر السماوات والأرض وفي عمر الإنسان: أطول أعمار البشر التي نعلمها حتى الآن عمر نوح عليه السلام، وبعد هذا العمر الذي نراه طويلًا انتهى إلى الموت، فعمر الإنسان معلوم يكون سنة واحدة، أو ألف سنة لكن لابد أن يموت.
أما السماوات والأرض وما فيها من مخلوقات إنما خلقت لخدمة الإنسان، فالخادم عمره أطول من المخدوم، فالشمس مثلًا خلقها الله تعالى من ملايين السنين، ومازالت كما هي لم تتغير، ولم تتخلف عن مهمتها، وكذلك القمر: {الشمس والقمر بحسْبَانٍ} [الرحمن: 5].
أي: بحساب دقيق؛ لذلك يقولون: سيحدث كسوف مثلًا أو خسوف يوم كذا الساعة كذا، وفي نفس الوقت يحدث فعلًا كسوف للشمس أو خسوف للقمر مما يدل على أنهما خلقا بحساب بديع دقيق، ويكفي أننا نضبط على الشمس مثلًا ساعاتنا، ومع ما عرف عن الشمس والقمر، من كبَر حجمهما، فإنهما يسيران في مسارات وأفلاك دون صدام، كما قال تعالى: {كل في فَلَكٍ يَسْبَحونَ} [الأنبياء: 33].
هذا كله من معنى خَلْق السماوات والأرض بالحق. أي: بنظام ثابت دقيق منضبط لا يتغير ولا يتخلف في كل مظاهره، فأنت أيها الإنسان يمكن أنْ تتغير؛ لأن الله جعل لك اختيارًا فتستطيع أن تطيع أو أن تعصي، تؤمن أو والعياذ بالله تكفر، لكن خَلْق السماوات والأرض جاء على هيئة القهر والتسخير، وإن كانت مختارة بالقانون العام والاختيار الأول، حيث قال تعالى: {إنا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْملْنَهَا وَأَشْفَقْنَ منْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إنه كَانَ ظَلومًا جَهولًا} [الأحزاب: 72].
إذن: خيرت فاختارت ألا تختار، وخرجت عن مرادها لمراد ربها.
ثم يقول سبحانه: {إن في ذلك لآيَةً للْمؤْمنينَ} [العنكبوت: 44] لماذا قال: {للمؤمنين} مع أنها آية للناس جميعًا؟ وسبق أنْ خاطب الله الكافرين {منْ خَلَقَ السماوات والأرض} [لقمان: 25] فلماذا خص هنا المؤمنين دون الكافرين؟
قالوا: هناك فَرْق بين خَلْق السماوات والأرض، وبين كَوْنها مخلوقة بالحق، فالجميع يؤمن بأنها مخلوقة، لكن المؤمنين فقط هم الذين يعرفون أنها مخلوقة بالحق.
يقول الحق سبحانه: {اتل مَا أوْحيَ إلَيْكَ منَ الكتاب}.
بعد أن ذكر الله تعالى بعض مواكب الرسل في إبراهيم وفي موسى ونوح وصالح وهود ولوط وفي شعيب، ثم تكلم سبحانه عن الذين كذبوا هؤلاء الرسل {فَكلًا أَخَذْنَا بذَنبه} [العنكبوت: 40] أراد سبحانه أن يسلي رسوله صلى الله عليه وسلم بأن لا يزعجه، ولا يرهقه، أو يتعب نفسه موقف الكافرين به الذين يصدون عن سبيل الله، ويقفون من الدعوة موقف العداء.
فقال له مسليًا: {اتل مَا أوْحيَ إلَيْكَ منَ الكتاب} [العنكبوت: 45] يعني: لمَ تحزن يا محمد ومعك الأنْس كله، الأنْس الذي لا ينقضي، وهو كتاب الله ومعجزته التي أنزلها إليك، فاشتغل به، فمع كل تلاوة له ستجد سكنًا إلى ربك.
وإذا كان هؤلاء الذين عاصروك لم يؤمنوا به، ولم يلتفتوا إلى مواطن الإعجاز فيه فداوم أنت على تلاوته عَل الله يأتي من هؤلاء بذرية تصفو قلوبهم لاستقبال إرسال السماء، فيؤمنون بما جحده هؤلاء، والأمر بالتلاوة لبقاء المعجزة.
{اتل} [العنكبوت: 45] اقرأ ولا تعجز ولا تيأس، فالقرآن سلوة لنفسك؛ لأن الذي يرسل رسولًا من البشر بشيء أو في أمر من الأمور، ثم يكذب يرجع إلى مَنْ أرسله، فما دام قومك قد كذبوك، فارجع إلي بأن تستمع إلى كتابي الذي أنزلته معجزة لك تؤيدك، وانتظر قومًا يأتون يسمعون منك كلام الله، فيصادف منهم قلوبًا صافية، فيؤمنون به.
وفَرْق بين الفاعل والقابل، والقرآن يوضح هذه المسألة، فمن الناس مَنْ إذا سمعوا القرآن تخشع له قلوبهم، وتقشعر جلودهم، ومنهم مَنْ إذا سمعوه قالوا على سبيل الاستهزاء {مَاذَا قَالَ آنفًا} [محمد: 16] تهوينًا من شأن القرآن، ومن شأن رسول الله.
ثم يقرر القرآن هذه الحقيقة: {قلْ هوَ للذينَ آمَنوا هدًى وَشفَاء والذين لاَ يؤْمنونَ في آذَانهمْ وَقْر وَهوَ عَلَيْهمْ عَمًى} [فصلت: 44].
إذن: فالقرآن واحد، لكن المستقبل للقرآن مختلف، فالعبرة في صفاء الاستقبال لأن الإرسال واحد، وهل تتهم الإذاعة إنْ كان جهار الراديو عندك معطلًا، لا يستقبل إرسالها؟